السبت، كانون الأول ٠٤، ٢٠٠٤

صمت أستاذي و ارتبك

ذكرتني يا محمد بأستاذ تربية إسلامية كنا نحبه و نحترمه كثيرا لكثرة القصص المحشوة بالحكم التي كان يحكيها في كل حصة (في الأردن) و في يوم من الأيام جئنا على درس نتكلم و نتناقش فيه عن المحرمات.
و عندما جاء دور الخمر سأل صديق لي الأستاذ و قال أن الخمر لم تحرم صراحة فالله يقول "إجتنبوه" مشيرا إلى الآية التي كان أستاذنا نفسه قد استدل بها على حرمة شرب الخمر و هي "يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر و الميسر و الأنصاب و الأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون"
فرد أستاذنا بأن قال أن الله أراد ب"اجتنبوه" ما هو أكبر و أعظم من التحريم فهو يقول لا تقتربوا منه أبداً. سكتنا جميعا و قلنا أن الأستاذ محق. صديقي هذا بالمناسبة كان مسيحيا و أبوه من كبار الصحفيين في البلد. و لكنه كان يحب حضور حصة التربية الإسلامية و كان إجتماعيا جدا تجده في كل فعالية تحدث في المدرسة.
و بعد ربع ساعة تقريبا قام نفس الصديق ليقول للأستاذ الكبير(لأنه كان يسمح بالجدال و يحب النقاش مهما كان) :
أستاذي هنا في الصفحة الفلانية في الكتاب أرى هذه الآية "حرمت عليكم امهاتكم وبناتكم واخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الاخ وبنات الاخت وامهاتكم اللاتي ارضعنكم واخواتكم من الرضاعة وامهات نساءكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فان لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل ابناءكم الذين من اصلابكم وان تجمعوا بين الاختين الا ما قد سلف ان الله كان غفورا رحيما"
ثم قال الشاب: أستاذي ما هو الأكثر حراما, الزواج بالأخت أو شرب الخمر؟ فقال الأستاذ بدون تردد : طبعا الزواج بالأخت. فسأله صديقي و لماذا إذن تقول بأن "إجتنبوه" أقوى من "حرم عليكم" ؟
أستاذنا قال قبل أن يسكت " شرب الخمرة حرام باتفاق العلماء و سأشرح لكم عن هذا الموضوع أكثر في الحصة القادمة" و لم يدخل الأستاذ في الموضوع مرة أخرى. و علمت السنة الفائتة أن صديقي هذا و اسمه خليل قد أسلم.
رأيت هذا النوع من الجدالات الصعبة و الجميلة فيما بعد في كتب كثيرة و أحلاها "تفسير عصري للقرآن الكريم". هذا النوع من التفكير الحر يعجبني دائما و ليس في يومنا هذا من يسمح بالجدال في هذه المواضيع على حد علمي إلا الشيخ أحمد الكبيسي الذي قد يعرفه الكثيرون من ظهوره على قناة دبي باستمرار و يقدم هناك برنامجا رائعا عن تفسير القرآن و هو لا يسمح لك بالملل بالطريقة الرائعة و الممتعة التي يتحدث و يشرح بها. أين أنت يا كبيسي؟
بس

هناك تعليق واحد:

ألِف يقول...

صاحبك هذا الذي أسلم بعقله، يفوق في رأيي الملايين من القطعان التي نحيا بينها.